مصر: قانون جديد لحماية الوثائق والمخطوطات
مخطوطات قديمة
القاهرة: أقرت الحكومة المصرية مشروع قانون لحماية المخطوطات والوثائق القومية يلزم كل الجهات التي لديها مخطوطات بتقديم بيان عنها إلى دار الكتب والوثائق سواء كانت جهات رسمية أو خاصة أو أفراد.
كما يعاقب القانون كل من يبدد أو يهمل المحافظة على المخطوطات أو يحاول إخراجها خارج مصر, لكنه في الوقت نفسه لا يمنع الأفراد من بيع المخطوطات داخل مصر بشرط إبلاغ دار الكتب والوثائق القومية بأنه تم نقل ملكية هذا المخطوط.
الأوساط الثقافية في مصر ترى أن القانون قد تأخر كثيرا بعد ضياع عدد كبير من الوثائق والمخطوطات, من بينها وثائق الحجاز, وفي عام 2002 اختفت فجأة وثيقة نادرة للإمام الشافعي تحمل خاتمه الخاص من دار الكتب والوثائق القومية, مما أثار إنزعاج الأوساط الثقافية من الحادث, وطالبت بضرورة تشديد الرقابة الأمنية على الوثائق والمخطوطات التي تم تقديرها بـ 60 مليون وثيقة باعتبارها ثروة قومية, وهو الأمر الذي دعا وزير الثقافة إلى إصدار قرارات جديدة بسبب تكرار السرقات لسلسة الكتب النادرة والوثائق القومية, منها تطبيق أسلوب جديد لنظام التوثيق عن طريق الأرشفة الإلكترونية.
ويقول الدكتور أحمد رسلان - أستاذ الاثار - كما نقلت عنه صحيفة "العرب اليوم" الأردنية - أن حادثة اختفاء الوثائق من دار الكتب لم تكن الأولى نظرا لوجود أخطاء وسلبيات كثيرة في نظام التسجيل والأرشفة للوثائق والمخطوطات ففي الفترة التي تلت عام 1952 اختفى عدد كبير من المخطوطات التي تخص فترات الحكم المملوكي والعثماني لمصر وأسرة محمد علي, كما اختفت أيضا ثمانية مجلدات كبيرة من مكتب الرئيس جمال عبد الناصر تضم وثائق تحتوي على أحداث مهمة في التاريخ المصري.
وقد كشفت حادثة القبض على أحد تجار الآثار بمنطقة الهرم أثناء قيامه بمحاولة بيع مخطوط عبري يعود تاريخه إلى 250 عاما ومدون عليه "نصوص توراتية", كشفت الحادثة أن هناك سوقا لبيع المخطوطات والوثائق في مصر لها تجارها المحترفون, في صورة مصغرة من حركة بيع وتهريب الآثار!!
ومن جهته أوضح الدكتور محمد صابر عرب- رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق- أن القانون القديم لم يوفر الحماية والتأمين الكافيين للوثائق أو المخطوطات, فالقانون الجديد الذي تم عرضه على مجلس الدولة وتم اقراره بالفعل من مجلس الوزراء يلزم كل الجهات التي لديها مخطوطات سواء كانت جهات رسمية أو أفراد بتقديم بيان عنها لدار الكتب, ويكفي أن نعرف أن هناك عددا هائلا جدا من المخطوطات موزعة في أماكن عديدة داخل مصر بدءا من دار الكتب, مرورا بالأوقاف ثم الأزهر ثم العديد من المكتبات العامة والخاصة, هذه المخطوطات لا يوجد قانون يلزم حائزيها بصيانتها أو تقديم معلومات عنها, وبالتالي لا يوجد قانون يجرم الاتجار فيها وتصديرها للخارج!!
وقال الدكتور عاصم الدسوقي - أستاذ التاريخ- الوثيقة ثروة قومية ويتم اعتبارها أثرا إذا انقضى عليها مائة عام, ففي انجلترا يوجد نظام أرشيفي لجميع وثائق الدولة وتسن قوانين لاتاحة فرص الاطلاع ونجد هناك جميع الأوراق الموجودة في جميع السفارات البريطانية في العالم حتى الرسائل الخاصة بين القنصل البريطاني في مصر ووالدته في فترات الاحتلال وهذا المكان يدر ثروة للحكومة البريطانية بسبب توافد الباحثين عليه.
لكن الأمر يختلف في مصر لعدم وجود لوائح تحدد أرشفة تلك الوثائق بأسلوب صحيح, وانتشار هذه الوثائق في دار الوثائق والتي تختص بحفظ أوراق الوزارات والهيئات الحكومية كل خمس سنوات عن طريق لجنة مشتركة بين الدار ووزارة الثقافة وقد تقوم هذه اللجنة باتلاف وثائق كثيرة قد تكون لها أهمية وهناك دار المحفوظات التي تتبع وزارة المالية وتضم جميع ملفات الموظفين والتحقيقات الإدارية في مصر بالإضافة إلى ضعف الرقابة الأمنية الموجودة في الدار وهو ما أدى إلى حدوث سرقات كثيرة للمخطوطات والوثائق وبيعها, من هنا تأتي أهمية القانون الجديد لحماية المخطوطات من مافيا المتاجرين فيها, والحفاظ على ثروة تاريخية قومية.